لم يمر الاستفزاز الأخير لنظام المخزن المغربي للجزائر هذه المرة مرور الكرام، خصوصا وأن النظام العلوي تمادى كثيرا وتجرأ على النبش في وحدة الجزائر، وإعلانه الصريح على دعم حركة “الماك” الإرهابية، بعد أن كان يدعمها في السر لسنوات طويلة، إلا أن الرد كان شديدا من الجزائريين بكافة أطيافهم، ما جعل استفزاز المغرب يتسبب في نتائج عكسية له ساهمت في توحد الجزائريين أكثر، حيث أجمع أغلب الفاعلين من سياسيين وأحزاب وشخصيات مجتمعية على أن “شطحة” المغرب الأخيرة كشفت وجهه الحقيقي.
غصت مواقع التواصل الإجتماعي، وصفحات المواقع الإخبارية ببيانات التنديد والاستنكار للسقطة المغربية الأخيرة، والتي عبر فيها نظام المخزن صراحة دعمه لحركة الماك الإرهابية، وعمله على ضرب الوحدة الترابية للجزائر، وهي الحملة التي شاركت فيها كل الأطياف السياسية والمجتمعية بالجزائر، والتي أكدت بصوت واحد على أن مناورات المغرب لن تجد لها أثرا على أرض الواقع.
وشدد المحلل الأمني الاستراتيجي أحمد ميزاب، على أن ما صدر عن الممثلية الدبلوماسية المغربية بنيويورك، يعد انخراطا صريحا في عملية متعددة الأوجه لضرب واستهداف وحدة الجزائر، مؤكدا بأن الجزائر كانت صريحة ومباشرة وسمت الأشياء بمسمياتها، في ردها على السقطة المغربية.
وأفاد ميزاب بأن بيان الخارجية الجزائرية، فرق بين دعم قضية يعترف بها المجتمع الدولي، بأنها قضية تصفية استعمار و ما بين الحرب على الإرهاب، خصوصا بعد تصنيف المجلس الأعلى للأمن للحركتين كحركتين إرهابيتين، الأمر الذي دفع المغرب لمحاولة تلميع صورتهما.
وأكد الخبير الأمني أن موقف النظام المغربي غير المسؤول يتنافى مع كافة الأعراف والقوانين المعمول بها، ولهذا طالبت الجزائر بتقديم توضيح رسمي وعليه ستبنى مواقف أخرى.
من جانبه أكد المؤرخ والخبير القانوني عامر رخيلة، بأن تصنيف الجزائر لحركتي رشاد والماك حركتين إرهابيتين، جعل المغرب يخرج دعمه لهما للعلن بعد أن كان سرا، وأحد أساليب تدخله في الشأن الداخلي الجزائري، مشيرا إلى أن هذا المنحى من سلطات المملكة يؤكد حقيقة أن ساسة ودبلوماسيي المغرب لا يتعظون من التاريخ، مردفا “ستكشف الأيام أن موقف المملكة سيزيد في عزلة الحركتين داخليا وسيجلب للمملكة متاعب جديدة في علاقتها بالمجتمع الدولي لخرقها مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية”.
واعتبر وزير الاتصال والدبلوماسي السابق، عبد العزيز رحابي، تحرك المغرب “عملية معادية لوحدة الجزائر”، مضيفا من خلال منشور له على صفحته الرسمية، بأن دعوة المغرب إلى الفتنة في الجزائر ليست عملاً دبلوماسياً بسيطاً، بل عملية معادية لوحدتنا وتصعيداً مبرمجاً في إستراتيجية التوتر الدائم في المنطقة، مشددا على أنه يجب على الجزائر شعبا ودولة أن يتفاعلوا مع خطورة الحدث بقوة وحزم.
وشدد رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، من جانبه على أن نظام المخزن أبان على وجهه الحقيقي، وعلى تورطه القديم في دعم الفتن ورعاية المجموعات الانفصالية في الجزائر المحروسة، مستغربا كيفية تشبيه نظام المغرب قضية الصحراء الغربية العادلة والأخلاقية، بوضع داخلي في الجزائر تم بتحريك نعرات هامشية استعمل فيها عملاء منبوذون من سكان منطقة القبائل ذاتها.
وأفاد مقري بأن الصحراء الغربية كانت بلدا مستعمرا من طرف الإسبان ولم يقاتل المغاربة من أجل استقلالها أبدا، وإنما وهبها الغرب (أمريكا وفرنسا وإسبانيا) للحسن الثاني ضمن الحرب الباردة لتكون الصحراء تابعة للمعسكر الرأسمالي الامبريالي في مواجهة المعسكر الاشتراكي الذي انتمت إليه الجزائر بعد الاستقلال.
وأكد رئيس حركة حمس، بأنه لو كانت الصحراء مغربية فعلا لما عرض الحسن الثاني على بومدين تقسيمها مع الجزائر، ثم قسِّمت فعلا مع موريتانيا حيث أخذ المغرب المنطقة النافعة، ثم انسحبت موريتانيا من اللعبة لاحقا، متسائلا عن الخلفية التاريخية التي يرجع لها المغرب سيادته على الصحراء الغربية، إذا كانت دولة الأدارسة أم المرابطين أم الموحدين أم الوطاسيين أم السعديين أم العلويين.
وأوضح رئيس الحركة، بأن الاعتماد على الجغرافية التاريخية، والتحولات السلالية السياسية، للمنطقة مخطط فتنة عظيمة تحركها القوى الاستعمارية، لا تنتهي أبدا لو بدأت، ينفذها نظام مغربي عاجز عن تحقيق التنمية وإسعاد شعبه فيشغلهم بأحلام شيطانية لا تورث إلا الدمار للجميع.
وشدد عبد الرزاق مقري على ضرورة الثبات على اعتبار قضية الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار تحل بتقرير المصير كما تنص عليه مقررات الأمم المتحدة، وذلك على أساس مبدئي ثم من أجل حماية بلدنا مما يمكن أن يحدث مستقبلا مع جوار لا يتحكم في قراره ولا يمكن توقع تصرفاته.