أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن ”الجزائر قادرة على الدفاع عن أمنها مهما كانت الظروف والإمكانيات”، مضيفا أنها تعتبر في نظر دول العالم ”قوة إقليمية” يكنون لها كل التقدير، محذرا من محاولات ”تصغير” دورها الريادي، من خلال ”إملاءات صادرة من وراء الستار” تحاول زعزعة استقرار البلاد باستغلال أبنائها.
وقال الرئيس تبون خلال اللقاء الدوري مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، بث سهرة، أول أمس أنه يتعين ”على الجزائريين أن يتيقنوا بأن بلادهم قوة إقليمية وكل العالم يعترف بذلك”، مشددا على أن الدبلوماسية الجزائرية استرجعت ”مكانتها الحقيقية” في الفترة الأخيرة بعد ”التقهقر” الذي عرفته طيلة سنوات، حيث أكد أن مسؤولين أفارقه ”اشتكوا غياب الجزائر وطالبوا بعودتها للقيام بالدور المنتظر منها”.
وفي رده على سؤال حول قرار فرنسا سحب قواتها من منطقة الساحل وما إذا كان ذلك سيشكل عبئا آخر على الجزائر عموما وعلى الجيش الجزائري بصفة خاصة من أجل تأمين المنطقة، قال رئيس الجمهورية، أن ”فرنسا لديها سياستها الخاصة بها والجزائر لديها سياستها وقادرة على الدفاع عن أمنها مهما كانت الظروف والامكانيات”.
الجزائر ملتزمة مع كل الدول لمكافحة الإرهاب
وأشار إلى أن قرار فرنسا الانسحاب من منطقة الساحل شأن داخلي، مؤكدا أن الجزائر ملتزمة مع كل الدول الاوروبية والدول الشقيقة والصديقة، فيما يخص مكافحة الإرهاب وأن الاتصالات قائمة مع فرنسا فيما يخص هذا الشأن.
وأوضح الرئيس تبون أن ”الجزائر والأشقاء الماليين متيقنين أن الحل يبدأ من اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر”، الذي يعتبر ”الاساس في تهدئة الوضع والذي من خلاله يعيش الشمال والجنوب في دولة واحدة موحدة”.
وبشأن التطورات في مالي، جدد الرئيس تبون، التأكيد على أن حل الأزمة في هذا البلد يبدأ من ”اتفاق الجزائر الذي هو الأساس لإطفاء نار الفتنة ويؤسس للتعايش بين الشمال والجنوب ويحافظ على وحدة الماليين”، مشيرا إلى أن غير هذا الحل ”هو مغامرة”.
وبخصوص الشأن الليبي، قال رئيس الجمهورية، أن الليبيين متأكدين من أن ”الجزائر سند لهم وأنها البلد الوحيد الذي ليس لديه أطماع”، مضيفا أن الشرعية في ليبيا تأتي من خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة نهاية العام الجاري، في حين أشار إلى وجود فئة متفائلة بالانتخابات وفئة مشككة في الظرف وفي الامكانيات، لكن بصفة عامة هناك قبول بمبدأ الانتخابات.
وقال الرئيس إن ”ليبيا عاشت في فوضى لمدة عشر سنوات وهناك أطراف ركزت على مصالحها من خلال تلك الفوضى وليس من السهل عليها أن تتخلى عن تلك المصالح بين عشية وضحاها”.
وفي هذا السياق، أشار الرئيس تبون، إلى اتصالات يجريها وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، السيد رمطان لعمامرة مع نظرائه الأمريكي والفرنسي والروسي والتركي من أجل إيجاد حلول ترضي الشعب الليبي أولا، مجددا موقف الجزائر الداعم لـ ”الشرعية التي أساسها الصندوق”.
وبالنسبة لأزمة سد النهضة، دعا الرئيس تبون الأطراف المتنازعة إلى ”تغليب العقل”، مؤكدا أن ”المبادرة الجزائرية تلقى تجاوبا كبيرا جدا” من مسؤولي الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، في الوقت الذي أشار فيه إلى أن ”الوساطة الجزائرية لن تتوقف وستنجح لأن الجزائر لا تملك في هذا الملف لا ناقة ولا جمل”. وأعرب رئيس الجمهورية، عن ”تفاؤله ”بنجاح المبادرة الجزائرية بخصوص ملف سد النهضة الإثيوبي، مؤكدا على وجود تجاوب كبير جدا من أطراف الأزمة مع هذه المبادرة، الداعية إلى عقد لقاء مباشر بين مصر والسودان وإثيوبيا للتوصل إلى حل لخلافاتها حول الملف.
وقال أن المبادرة ”جزائرية ولم تملى علينا”، داعيا الدول الثلاث إلى” التحلي بالحكمة والمنطق من أجل إيجاد حل سلمي للأزمة”.
لا يوجد تجاوب من طرف المغرب
وبخصوص العلاقات مع المغرب، قال رئيس الجمهورية أنه لم يكن هناك تجاوب من طرف الرباط عقب استدعاء الجزائر، لسفيرها لدى المملكة للتشاور، على خلفية تصريحات ممثل المغرب لدى الأمم المتحدة.
ووصف الرئيس تبون تصريحات سفير المملكة المغربية في نيويورك، ضد الجزائر بـ”الخطيرة”، قائلا ”دبلوماسي مغربي صرح بأمور خطيرة، فاستدعينا على أساسها سفيرنا بالرباط للتشاور وقلنا إننا سنمضي إلى أبعد من ذلك لكن لم يكن هناك أي تجاوب من قبل المغرب”.
وجاء تصريح الرئيس تبون، ردا على سؤال حول موقف الجزائر من خطاب الملك المغربي محمد السادس بمناسبة ذكرى توليه العرش، الذي قال فيه إن ”يده ممدودة تجاه الجزائر”، داعيا الى فتح الحدود بين البلدين.
وفيما يتعلق بالقضية الصحراوية، شدد رئيس الجمهورية على أن القضية موجودة بين أيدي الأمم المتحدة وفي لجنة تصفية الاستعمار، معربا عن استعداد الجزائر لاحتضان أي لقاء بين الجمهورية الصحراوية والمغرب ووضع الإمكانيات الضرورية تحت تصرفهما ، مؤكدا أن الجزائر كعضو ملاحظ لن تفرض أي قرار على الصحراويين.
يد المساعدة ممدودة لتونس ولا نتدخل في شؤونها
وبالنسبة للوضع في تونس، قال الرئيس تبون، أن ”يد المساعدة ممدودة لتونس في السراء والضراء”، لافتا إلى أن ”تونس تحل مشاكلها بنفسها دون ضغط من أي طرف” ، في حين اعتبر أن الوضع الذي تمر به هذه الدولة الجارة ”شأن داخلي”.
وقال الرئيس تبون ”من طبع الجزائر كفرد ووطن رفض التدخل في شؤوننا الداخلية ومنه فنحن لا نتدخل في الشأن التونسي الداخلي.. ولا نفرض عليها أي شيء”، مضيفا أن ”تونس ماضية نحو الوصول إلى حل لمشاكلها الداخلية”، مرجعا الأزمة القائمة هناك حاليا إلى كون تونس ”اختارت نظاما لا يتماشى مع تركيبة العالم الثالث، لكن ما يحدث يبقى أمرا داخليا”.
وأوضح رئيس الجمهورية أن الدبلوماسية الجزائرية عادت إلى مكانها الطبيعي وأن ”كلمتها كانت مسموعة في الجمعية العامة للأمم المتحدة”، مذكرا في هذا الصدد أن مركز الدراسات الاستراتيجية للولايات المتحدة الامريكية استخلص في عام 1994 ، أن القارة الإفريقية تمتلك ثلاث دول محورية ومؤثرة وهي الجزائر وجنوب إفريقيا ونيجيريا، حيث كانت من الدول الرائدة والفاعلة على مستوى منظمة الوحدة الإفريقية آنذاك.
وأشار الرئيس تبون إلى أنه عند تنقله إلى أديس أبابا، طالبه كل الرؤساء والاصدقاء بعودة الجزائر إلى دورها الرائد في القارة ، مستطردا بالقول ”فوجئت بالأمر، حتى وإن كان بعض الجزائريين لا يؤمنون بقوة تأثير الجزائر، فإن الأجانب معترفين بنفوذها”.
وأضاف أن الجزائر عادت للتكفل إلى الملفات الحقيقية ، منها الملف الليبي، الصحراء الغربية والقضية الفلسطينية والاتحاد الافريقي.
المساء