حثت السلطات الإيطالية، أمس الاثنين، دول الاتحاد الأوروبي على التنفيذ السريع لمذكرة التفاهم بشأن الهجرة غير الشرعية الموقعة مع تونس في يوليو/تموز الماضي، وذلك في أعقاب وصول أعداد قياسية للمهاجرين غير الشرعيين إلى جزيرة “لمبيدوزا “الإيطالية انطلاقا من سواحل تونس.
وتسعى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني لإقناع الاتحاد الأوروبي بالبدء في تنفيذ مذكرة التفاهم بما يسمح لتونس بالحصول على مساعدات مالية من أجل وقف نزيف تدفق المهاجرين نحو سواحلها.
وأشارت ميلوني، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الإيطالية “نوفا” في تصريحات مشتركة مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين بمطار” لمبيدوزا”، إلى أن أولى بوادر هذه الاستراتيجية المشتركة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي هي المذكرة الموقعة مع تونس.
وفي يوليو الماضي، وقعت تونس والاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم لإرساء “شراكة استراتيجية وشاملة” في التنمية الاقتصادية والطاقات المتجدّدة ومكافحة الهجرة غير النظامية.
ويتضمن الاتفاق تقديم مساعدة لتونس بقيمة 105 ملايين يورو لمكافحة الهجرة غير النظامية، إضافة إلى 150 مليون يورو لدعم ميزانية البلد الذي يعاني من ديون تناهز 80% من ناتجه المحلّي الإجمالي، ويواجه نقصاً في السيولة.
لكنّ هذه المساعدة مشروطة بتوصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول منه على قرض جديد، علماً أنّ المحادثات بين الطرفين تراوح مكانها منذ نحو سنة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من سنة 2022 توصلت تونس إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، غير أن توقيع الاتفاق النهائي تعثر نتيجة رفض السلطة شروط الصندوق بشأن رفع الدعم عن الغذاء والطاقة.
وبسبب تأخر قرض الصندوق لم تتمكن تونس من تعبئة نحو 60% من الموارد الخارجية المبرمجة في الموازنة نتيجة ربط المانحين صرف التمويلات بتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وقال المتحدث عضو البرلمان السابق والناشط السياسي مجدي الكرباعي إن حكومة ميلوني تحاول حث الاتحاد الأوروبي على صرف دعم مالي عاجل لفائدة تونس من أجل ضمان الحد من تدفق المهاجرين نحو سواحلها.
وأكد الكرباعي في تصريح لـ”العربي الجديد” أن الاتحاد الأوروبي لا يبدي تجاوبا مع المطلب الإيطالي حيث تعترض العديد من الدول على توفير دعم مالي لفائدة الموازنة التونسية بسبب تحفظات على نظام قيس سعيد.
واستبعد الناشط السياسي المقيم في إيطاليا نجاح المساعي الإيطالية لدعم تونس ماليا، وبما قيمته 150 مليون يورو، على غرار ما هو متفق عليه في مذكرة التفاهم الموقعة قبل أشهر، مشيرا إلى أن دول الاتحاد الأوروبي عرضت على حكومة ميلوني حلولا أخرى للأزمة ومن بينها استقبال أعداد من اللاجئين والمهاجرين.
ويرى الكرباعي أن الضغط الإيطالي على دول الاتحاد الأوروبي قد ينتهى بتوفير دعم مالي لتونس مخصص لاقتناء معدات لمكافحة الهجرة غير النظامية من سواحلها، من دون توفير أي مساعدات مالية أخرى لمصلحة الموازنة.
وسجلت الأسابيع الماضية تصاعدا في تدفق مهاجرين غير نظاميين من سواحل تونس في اتجاه إيطاليا، يشكل مهاجرو دول أفريقيا جنوب الصحراء نحو 80% منهم .
وذكرت بيانات لمنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن عدد التونسيين الواصلين إلى سواحل إيطاليا منذ بداية العام الحالي وإلى غاية نهاية أغسطس/آب الماضي أكثر من 9200 مهاجر.
ويعيش التونسيون في بلادهم تحت وطأة الغلاء وقلة فرص الشغل وانحسار الأفق، مع تفاقم الأزمات السياسية وعجز السلطات المتعاقبة عن الاستجابة لمطالب الشغل والكرامة الوطنية التي كانت الشعارات الأساسية لثورة يناير/كانون الثاني 2011.
وقال المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر في تصريح لـ”العربي الجديد” إن من أبرز أسباب الهجرة في تونس هو عدم قدرة شرائح واسعة من التونسيين، ومنهم الميسورون، على تحمل المزيد من الضغوط المعيشية، وانعدام الرؤية بشأن مستقبل أبنائهم، ما يجعل تونس بلدا طاردا لأبنائه من مختلف الشرائح الاجتماعية.
ويضيف أنّ “تراجع الخدمات العامة الناجمة عن السياسة التقشفية للدولة وشح التمويلات ينقلان جزءاً من التونسيين من الفقر المالي إلى الفقر الشامل، الذي يسببه تعطل آليات الارتقاء الاجتماعي وأهمها التعليم والصحة والنقل”.
ويفسر الفقر الشامل بحرمان الشرائح ضعيفة الدخل، والتي تعاني من الفقر المالي، من الخدمات الأساسية التي تساعدها على تحسين أوضاعها المعيشية، ومن بينها التعليم والنقل والكهرباء والماء.
العربي الجديد