شهد حي هلال وسط العاصمة تونس، أمس الجمعة، اندلاع مواجهات بين قوات الأمن ومحتجين من المنطقة، تزامناً مع تشييع جنازة الشاب ربيع الشيحاوي (22 عاماً)، الذي توفي بعد إيقافه منذ 5 أيام في سجن المرناقية.
وأثارت وفاة الشاب التونسي ربيع الشيحاوي، الذي ينحدر من حي هلال، خلال توقيفه في سجن المرناقية، جدلاً واسعاً بسبب تمسّك العائلة بفرضية وفاته تحت التعذيب، في الوقت الذي نفت فيه الهيئة العامة للسجون والإصلاح تعرّضه لأي نوع من أنواع التعذيب أو الإهمال أو التقصير.
وأذنت النيابة العمومية في المحكمة الابتدائية بمنوبة، بفتح بحث أمني للكشف عن ملابسات وفاة السجين المودع بالسجن المدني بالمرناقية، بحسب تأكيد المتحدثة الرسمية باسم المحكمة الابتدائية بمنوبة سندس النويوي.
وأوضحت النويوي، في تصريح إذاعي، أنّ السجين تعرّض لنوبة قلبية نقل على إثرها إلى مستشفى الرازي حيث تلقى العلاج.
وأضافت أنه، حسب المعطيات الأوّلية، فقد أصيب بنوبة ثانيّة، تقرّر على إثرها نقله إلى أحد المستشفيات، غير أنّه توفي قبل وصوله إليها، مشيرة إلى انتظار ما ستكشف عنه الأبحاث التي باشرها أعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بطبربة، وما سيقدّمه تقرير الطب الشرعي.
وقال كاتب عام الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، منذر الشارني، في تصريح لـ”العربي الجديد”، اليوم السبت، إنّ “الوفيات المشبوهة تتم في أماكن مغلقة، مثل حادثة شاب المرناقية، وشاب حي التضامن، حيث حصلت الوفاة بعد مطاردة أمنية، وكذلك حادثة وليد دنقير”.
ولفت إلى “وجود مشكلة في المطاردات الأمنية لأنه لا توجد مدونة سلوك”، مبيناً أن “تحديد استعمال القوة وعدم اللجوء إليها مهم، ولا سيما أنّ الشرطة تكون في مواجهة مواطنين عزل ولا يمثلون خطراً، وبالتالي يجب أن تكون هناك قوة مناسبة عند المطاردة”.
وأضاف الشارني أنّ “استعمال القوة المميتة له ضوابط، وللأسف هناك إفراط في استعمال القوة والمساحة في حالات مواطنين عزل”.
كما أشار إلى “وجود إشكالات في مراكز احتجاز الشرطة أو السجون، لأنه يغيب الشهود ولا يمكن الاعتماد على رواية عناصر الأمن لأنهم طرف”، مبيناً أنّ الهيئات والمنظمات التي تزور السجون محدودة”.
ولفت إلى أنّ “الأزمة السياسية تلقي بظلالها على تواتر مثل هذه الحالات لأنّ الانفلات الأمني يكثر، وتزيد التجاوزات بسبب الانشغال بمسائل أخرى، ولأنّ المسؤولين الأمنيين يلجؤون للاستعمال المفرط للقوة لإرضاء المسؤولين السياسيين وإثبات أنّ الأمن قادر على فرض الاستقرار الاجتماعي، وهذا غير مقبول”.
من جهته، قال المحامي زقروبة مهدي، إنّ “الهيئة العامة للسجون والإصلاح نفت تعرّض السجين المودع في سجن المرناقية، الذي توفي أثناء نقله إلى أحد المستشفيات لأي نوع من أنواع التعذيب أو الإهمال أو التقصير خلال فترة الإيداع التي قضاها، وذلك خلافاً لما تم تداوله”.
وأكد، في تدوينة على موقع “فيسبوك”، أمس الجمعة، أنّ “آثار الأصفاد الحديدية التي وضعت في معصمي الفقيد الموقوف رحمه الله والتي بالعين المجردة ظاهرة تعكس ما تعرّض له من سوء معاملة”.
وذكّر بأنّ “الموظف العمومي أو شبهه الذي يأمر أو يحرض أو يوافق أو يسكت عن التعذيب أثناء مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرته لها، يعاقب بالسجن مدة ثمانية أعوام وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار” (أي حوالى 3000 دولار أميركي).
وكالات