رأت مجلّة “فورين بوليسي” الأميركية أنّ ما وصفته بـ”اللامبالاة الغربية تجاه المعاناة الفلسطينية في قطاع غزّة” تُنفّر مَن سمّتهم “المسلمين الليبراليين” في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، و”تشوّه جاذبية القيم الديمقراطية الليبرالية”، على حدّ وصفها.
وأضاءت المجلّة، في مقالٍ تحليلي نشرته، على وجود مستوى غير مسبوق من الغضب تجاه الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها الغربيين، في مختلف أنحاء الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الأوسع، محذّرةً من أنّ هذا الأمر يمكن أن تكون له “عواقب طويلة الأمد”.
وحذّرت من أنّ الواقع الحالي “يمكن أن يكون أسوأ كثيراً من تأثير الغزو الأميركي واحتلال العراق، عام 2003″، لأنّ المذبحة، التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، أسوأ من أي شيء حدث خلال الحروب الأميركية في الشرق الأوسط.
وأرجعت “فورين بوليسي” هذا الغضب إلى مشاهدة الملايين المشاهد المروّعة من غزّة، كل يوم، موضحةً أنّ ذلك يتم غالباً عبر البثّ المباشر عبر التلفاز، بحيث يظهر قصف أحياء بأكملها، وتبرز جثث الأطفال والرضّع من تحت الأنقاض.
وأشارت المجلة أيضاً إلى استشهاد المدنيين الفلسطينيين برصاص الاحتلال في الضفة الغربية، الأكثر هدوءاً نسبياً.
وهنا، تجدر الإشارة إلى أنّ وتيرة الاقتحامات الإسرائيلية لمختلف المدن والبلدات في الضفة الغربية ارتفعت منذ الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتخلّلها ارتفاع في عدد الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوا برصاص قوات الاحتلال.
وحين يستمع المسلمون إلى ما يقوله الزعماء الغربيون، كالرئيس الأميركي، جو بايدن، بشأن ما يرتكبه الاحتلال في فلسطين المحتلة، فإن كلّ ما يسمعونه يكون عن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، كما أوردت المجلة.
كما أنّ كلّ ما يرَوْنه هو “منح مزيد من الدولارات والأسلحة الأميركية” للحكومة الإسرائيلية، لتواصل حربها على غزّة، بحسب ما تابعت المجلة.
وأمام ذلك، يرى عدد من الناس، ولاسيما في العالم الإسلامي، أنّ حياة الإسرائيليين، بالنسبة إلى زعماء الغرب، “أكثر أهميةً” من حياة الفلسطينيين، وفقاً لما ذكرته “فورين بوليسي”.
ورأت المجلة أيضاً أنّ الغرب يمارس “إنكاراً تاريخياً” للقيم الليبرالية التي تبنّتها حكوماته ودافعت عنها، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فيما يتعلّق بـ”حقوق الإنسان العالمية”.
وفي هذا الإطار، أوضحت المجلة أنّ البعض يقول إنّ “هذه المثل النبيلة لم يتمّ تحقيقها بصورة كاملة أبداً”، بحيث أدّت المصالح الوطنية والتحالفات والنفاق إلى “ازدواجية المعايير”.
ولا يؤثّر “فقدان الإيمان” بالمعايير العربية في الأشخاص الذين يميلون إلى مناهضة الولايات المتحدة، أو انتقاد النظام العالمي الذي يقوده الغرب، ومن بين هؤلاء المسلمون أصحاب الميول الليبرالية، الأمر الذي يؤدي إلى “تشويه سمعة الغرب وروايته الليبرالية، في أعين سائر العالم”، وفقاً لـ”فورين بوليسي”.
وإزاء كلّ ذلك، استعارت المجلة المبدأ السياسي الساخر للمفكّر الألماني، كارل شميت، ومفاده أنّ “القوى السيادية قادرة، بحسب رغبتها، على تحديد الاستثناءات من قواعدها”، في إشارةٍ إلى تنصّل الغرب من المسؤولية التي حمّلها لنفسه، والتي تذرّع بها في خوضه حروبه التي أودت بحياة الملايين في العالم والشرق الأوسط.