تسهم الإضرابات والبطالة والفقر ونقص المواد الغذائية الأساسية وارتفاع الأسعار، في إشعال الغضب الاجتماعي في الجزائر، التي تعاني أصلا أزمة اقتصادية خانقة.
أزمة فاقمتها الإجراءات التقشفية التي اتبعتها الحكومة لمواجهة تراجع عائدات تصدير النفط، فضلا عن تداعيات جائحة كورونا.
يضاف كل ذلك إلى مأزق سياسي مستمر منذ انطلاق الحراك الشعبي قبل عامين، للمطالبة بتغيير سياسي شامل في الطبقة الحاكمة وبتحسين الأوضاع المعيشية.
وبحسب خبراء اقتصاد، فإن الغلاء وتهاوي القدرة الشرائية للمواطنين، قد يفجر موجة جديدة من الحراك في الجزائر بمطالب اقتصادية واجتماعية، إذ تواجه الطبقة المتوسطة وأصحاب الدخل المحدود صعوبات منذ سنوات عدة، اشتدت حدتها في الآونة الأخيرة.
عادت الحركات الاحتجاجية في الجزائر، لتعكس الواقع الإجتماعي المثقل بالمشاكل، حيث شهدت الجزائر خلال الأسابيع الأخيرة، إضرابا لعمال البريد بعد أزمة سيولة لم يسبق لها مثيل في البلاد منذ الاستقلال، انتهت بإقالة وزير البريد والمواصلات ابراهيم بومزار، بالإضافة إلى إضراب عمال الصحة وأعوان الحماية المدنية .. كل هذه الحركات الإحتجاجية جاءت بالتزامن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية ..
وقال المتحدث الرسمي باسم نقابات أساتذة التربية، مسعود بوديبة، إن من أبرز أسباب هذه الاضرابات هو تراجع القدرة الشرائية واتساع دائرة البطالة والفقر، وباتت العائلة الجزائرية مهددة في قوتها في ظل غياب رؤية ما يزيد من تداعيات الأمر في المستقبل.
الجبهة الاجتماعية التي تعيش على صفيح ساخن، يقابلها وضع اقتصادي متدهور، جراء انهيار أسعار البترول، وتراجع قيمة الدينار أمام الدولار، وتآكل احتياطي الصرف، وعجز الميزان التجاري، عاما بعد عام.
ومازاد من صعوبة المهمة، حراك متواصل منذ 114 أسبوع، شدد الخناق على السلطة، وأثقل كاهلها في البحث عن حلول.
ووسط كل هذا، مؤشرات تلوح في الأفق باحتمال اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، لإعادة التوازن المفقود، وهو خيار يرفضه الرئيس عبد المجيد تبون ويثمنه المختصون.
وأوضح المحلل السياسي، عبد الحكيم بوغرارة، أن هناك ضغوط داخلية كبيرة في الجزائر من الجبهة الاجتماعية والعمالية، وأن البلاد لا تستطيع فتح جبهة الضغوط الخارجية التي تتضمن الكثير من المساومات.
ويحاول الرئيس الجزائري إعطاء قبلة الحياة للاقتصاد الوطني، بمساعي استرجاع الأموال المنهوبة التي تتطلب وقتاً كبيراً، وبخطة إنعاش إقتصادي تجد مقاومة من الإدارة البيروقراطية، وخلق مناخ ملائم للاستثمار المحلي والأجنبي، بدعم الشركات الناشئة والصغيرة، التي ستكون بمثابة عمود فقري لخلق الثروة وتوفير مناصب الشغل.
وقال الخبير الاقتصادي، عادل بوكروح، إن أغلب السلع في الجزائر هي سلع مستوردة لذا ارتفعت أسعارها خاصة مع تراجع سعر الدينار أمام الدولار واليورو، متابعاً أن هناك تضخم محلي ما ساهم في ارتفاع الأسعار.
وتابع بوكروح، خلال لقاء على شاشة الغد، أن الرئيس الجزائري يعارض الاستدانة من الخارج، لذا لجأت الحكومة إلى تخفيض قيمة الدينار الجزائري.
فيما قال الكاتب والمحلل السياسي، إسماعيل خلف الله، إن هناك فشل حكومي واضح وهناك تذرع بجائحة كورونا وبأنها عطلت كل القطاعات الاقتصادية، ورأى أن هذا المبرر ضعيف أمام فشل الآداء الحكومي، إذ لا تزال الحكومة تتخبط في توفير السلع الأساسية.
وتابع خلف الله أن خفض قيمة الدنيار أثر على القدرة الشرائية، مؤكدا أن تعويم العملة المحلية ليست بحل في ظل غياب المشاريع الانتاجية والاقتصاد البديل والمشروعات القومية.
الغد