بينما انشغل العالم بمتابعة الحرب الإسرائيلية الإيرانية، التي استمرت 12 يومًا منذ 13 يونيو الماضي، شهد قطاع غزة مجازر يومية مروعة راح ضحيتها المئات من الشهداء المدنيين، وسقط أكثر من 550 شهيدًا فلسطينيًا خلال شهر واحد فقط في أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الغذائية، في ظل حصار خانق وتجاهل إعلامي عالمي شبه تام، وفقًا لصحيفة “ذا جارديان” البريطانية.
الحصار والجوع
انهارت الهدنة الهشة، مارس الماضي، وفرض جيش الاحتلال الإسرائيلي حصارًا شاملًا على جميع المساعدات الإنسانية استمر 11 أسبوعًا، حسبما أوردت “ذا جارديان”، ورغم السماح بدخول بعض المساعدات منذ أواخر مايو، إلا أن العمليات العسكرية تصاعدت بشكل متزامن في استراتيجية ممنهجة لاستخدام الجوع كسلاح حرب.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن قوات الاحتلال استهدفت المدنيين العزل في أثناء بحثهم عن الطعام من قوافل المساعدات المنهوبة أو من مراكز التوزيع، التي تديرها “مؤسسة غزة الإنسانية”، المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة كبديل للنظام الأممي الشامل.
وغطت أوامر الإخلاء الإسرائيلية المتتالية معظم أراضي القطاع، ما دفع الآلاف للنزوح المستمر.
مذابح مراكز التوزيع
وثقت المصادر الصحية المحلية سلسلة من المجازر المروعة بدأت 14 يونيو، عندما استشهد 31 فلسطينيًا برصاص جيش الاحتلال، منهم 20 في غارات جوية و11 آخرين قرب نقاط توزيع الطعام.
وبحسب شهود عيان نقلت عنهم “ذا جارديان”، أطلقت القوات الإسرائيلية النار مباشرة على الحشود، بينما ادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي إطلاق “طلقات تحذيرية” على من وصفهم بـ”المشتبه بهم”.
و16 يونيو، نفذ جيش الاحتلال مجزرة مروعة قبيل الفجر، إذ فتح النار على حشود الجائعين المتجهين لمركزين تديرهما مؤسسة غزة الإنسانية قرب مدنية رفح الفلسطينية ووسط القطاع، ليستشهد 37 فلسطينيًا، وينقل أكثر من 300 جريح إلى مستشفى ناصر، بينما استقبل مستشفى الصليب الأحمر الميداني أكثر من 200 مُصاب في أعلى عدد ضحايا بحادث واحد منذ بداية الحرب.
“فيلم رعب” في خان يونس
شهد 17 يونيو أبشع المجازر، إذ وصف الشهود المشاهد بأنها “كفيلم رعب” عندما أطلق جيش الاحتلال النار على حشد ينتظر شاحنات الأمم المتحدة المحملة بالدقيق قرب خان يونس، ليسقط 59 شهيدًا ويصاب المئات، حسب التقارير الطبية المحلية التي اعتمدت عليها “ذا جارديان”.
وأظهرت لقطات مصورة المدنيين وهم يحملون أكياس الدقيق قبل أن يبدأ جيش الاحتلال بإطلاق النار عليهم، وأدت هذه المجزرة إلى تعليق مؤقت لقوافل المساعدات، ما فاقم أزمة الجوع في القطاع المحاصر، إذ تشح المحروقات والمياه النظيفة والإمدادات الطبية بشكل كارثي.
مجازر يومية وإفلات من العقاب
واصل جيش الاحتلال استهداف المدنيين يوميًا، وفي 18 يونيو استشهد 35 فلسطينيًا منهم 11 في أثناء محاولة “التوزيع الذاتي” للدقيق و24 آخرين في غارات جوية، بينهم طفل عمره تسع سنوات في مخيم البريج للاجئين.
و19 يونيو، سقط 75 شهيدًا منهم 15 في أثناء انتظار المساعدات و60 آخرين في موجة غارات جوية.
وكشفت “ذا جارديان” أن متوسط 23 شاحنة أممية فقط كانت تدخل غزة يوميًا عبر معبر كرم شالوم، بينما تُقدر الأمم المتحدة الحاجة بـ500 شاحنة يوميًا.
واعترف مسؤولو المساعدات بأن معظم المساعدات “توزع ذاتيًا” من قبل الفلسطينيين الجائعين أو تنهبها عصابات منظمة.
و20 يونيو، أصدر جيش الاحتلال أوامر نزوح جديدة أجبرت الآلاف على الفرار من شرق غزة، بينما استشهد 24 فلسطينيًا آخرين برصاص الاحتلال في أثناء انتظار المساعدات.
ووصف الدكتور مروان أبو ناصر، مدير مستشفى العودة في النصيرات، الوضع قائلًا لـ”ذا جارديان”: “تعاملنا مع 21 مصابًا و24 شهيدًا. الإصابات كانت شديدة للغاية، معظمها في الصدر والرأس، وكان بين الضحايا نساء وأطفال وشباب”.
أرقام الرعب
بحلول 23 يونيو، غطت أوامر الإخلاء الإسرائيلية أو القوات المحتلة أكثر من 80% من أراضي القطاع، وادعت السلطات الإسرائيلية تسهيل دخول 430 شاحنة مساعدات، خلال 7 أيام، وهو جزء ضئيل من الحاجة الفعلية.
و24 يونيو، استشهد 25 فلسطينيًا آخرين وأصيب العشرات عندما فتحت قوات الاحتلال النار بالرصاص والدبابات في مدينة رفح الفلسطينية، على بعد 2.5 كيلومتر من نقطة توزيع مساعدات مدعومة أمريكيًا.
وتلقى الأطباء ضحايا من حادث ثانٍ قرب ممر نتساريم الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه.
