كشفت تحقيقات داخلية أجراها جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن معظم حالات الانتحار المسجلة في صفوف الجنود، خلال الفترة الأخيرة، مرتبطة بشكل مباشر بالحرب الدائرة في قطاع غزة، حسبما أفادت هيئة البث الإسرائيلية.
وأكدت الهيئة، اليوم الأحد، استنادًا إلى نتائج تحقيقات داخلية أجراها جيش الاحتلال، أن الضغوط النفسية الشديدة، والإرهاق المتواصل، والتجارب الصادمة التي يعيشها الجنود في الميدان لعبت دورًا حاسمًا في تدهور الصحة النفسية للعديد منهم، ما أدى إلى زيادة مقلقة في محاولات الانتحار، وبعضها كان مميتًا.
وبحسب التحقيقات، فإن الانتحارات ناجمة عن مشاهد صادمة مر بها الجنود، وفقدان رفاقهم في المعارك، وعدم القدرة على التكيف النفسي مع ما تعرضوا له، خصوصًا خلال فترات طويلة من البقاء في مناطق القتال.
وتشمل التحقيقات فحص رسائل الجنود المنتحرين والتواصل مع محيطهم المباشر لفهم خلفيات الحالات. وتسلط هذه النتائج الضوء على تداعيات الحرب المتواصلة على الجانب الإسرائيلي، ليس فقط من الناحية العسكرية أو السياسية، بل على الصعيد الإنساني والنفسي داخل المؤسسة العسكرية، في ظل غياب رؤية واضحة لإنهاء الحرب أو تخفيف العبء عن القوات المنتشرة في غزة منذ 22 شهرًا.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول كبير في جيش الاحتلال، إن “معظم حالات الانتحار ناتجة عن ظروف معقدة أعقبت الحرب. للحرب عواقب نفسية وخيمة، ونحن نواجه تحديات كبيرة في هذا المجال”.
وأوضح أن الجيش يعمل على استخلاص دروس ممنهجة، وتكثيف الدعم النفسي من خلال تدريب القادة على رصد علامات الضيق، وزيادة عدد ضباط الصحة النفسية والممرضين الميدانيين، إذ تم تعزيز الطواقم بـ200 ممرضة للمجندين النظاميين، و600 لقوات الاحتياط.
ومنذ بداية عام 2025، سجل جيش الاحتلال الإسرائيلي 16 حالة انتحار في صفوف الجنود، بينهم 7 من جنود الاحتياط، منهم 4 خلال شهر واحد فقط، وفق هيئة البث الإسرائيلية.
والأربعاء الماضي، انتحر الجندي الاحتياطي في جيش الاحتلال روي فاسرشتاين، الذي خدم أكثر من 300 يوم في اللواء 401 المدرع. وانتحر جندي من “لواء ناحال” في قاعدة عسكرية بالجولان المحتل، منتصف يوليو، كما انتحر دانيال إدري، أوائل يوليو في غابة بيريا بالقرب من صفد. وفي منتصف مايو، انتحر أيضًا رقيب الشرطة إيجور بيفنيف.
وأشار المسؤول الكبير في جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أن التحقيقات تجرى بشكل منفصل في كل حالة، من قبل ضابط برتبة مقدم، بالتوازي مع تحقيقات الشرطة العسكرية.
ووفق المعطيات الرسمية، انتحر عام 2024 ما مجموعه 21 جنديًا، مقارنة بـ17 عام 2023، و14 في 2022، و11 عام 2021.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي، إن هناك “قلقًا حقيقيًا” من تنامي هذه الظاهرة، وهناك استعدادات لاحتمال اتساعها بشكل أكبر في صفوف الجنود النظاميين والاحتياطيين على حد سواء.
وأعلن جيش الاحتلال، الخميس الماضي، أنه سيتم تشكيل لجنة لفحص الاستجابة المقدمة للجنود المسرحين وأفراد الاحتياط غير النشطين، الذين أنهوا حياتهم نتيجة لخدمتهم العسكرية، في ضوء حساسية هذه الفترة في إشارة إلى الحرب بقطاع غزة.
يأتي ذلك بعد ما رصدت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، ارتفاع عدد الجنود الإسرائيليين المنتحرين، خلال الشهر الجاري فقط، إلى 7 عسكريين، بينما انتحر منذ بدء الحرب في غزة، ما لا يقل عن 13 جنديًا.
وقال جيش الاحتلال في بيان :”اللجنة ستكون لجنة خاصة يترأسها اللواء في الاحتياط ورئيس هيئة القوى البشرية السابق، اللواء موطي ألموز وسيضم أعضاء اللجنة مسؤولين عن الطب والصحة النفسية في الجيش، جهات قانونية، ضباطًا من منظومة متابعة المصابين، ومسؤولين من وزارة الأمن ودائرة إحياء الذكرى والإرث”.
وتأتي تلك التطورات، بينما أعلن جيش الاحتلال انسحاب الفرقة 98 من القطاع بعد إنهاء مهامها في شمال غزة. وذكرت إذاعة جيش الاحتلال، أن هناك تقليصًا لقوات الجيش في القطاع وخروج اللواء 7 ولوائي المظليين والكوماندوز.
وأشارت إذاعة الجيش، إلى أن 4 فرق عسكرية تنتشر في قطاع غزة منها اثنتان تنفذان عمليات هجومية.