مدينة الوادي أو مدينة وادي سوف، أو مدينة ألف قبة وقبة، هي عاصمة ولاية الوادي. وهي مدينة صحراوية ذات طابع سياحي، تقع على بعد 650 كلم جنوب شرق العاصمة الجزائر.
مناخها صحراوي معتدل إلى بارد شتاء، حار صيفيا.
تقع ولاية الوادي شمال شرق الصحراء الجزائرية، تبعد عن عاصمة البلاد ب630 كلم ويحدها من الشرق الجمهورية التونسية، ومن الغرب كل من ولايات المغير وتقرت، ومن الشمال ولايات تبسة وخنشلة وبسكرة، ومن الجنوب ولاية ورقلة.
تشتهر هذه الولاية بإنتاج التمور وخاصة من نوع دقلة نور والرطب أو ما يدعى بالمنقر. كما يعتبر الزيتون والبطاطا تجربة ناجحة في تنويع المحاصيل الفلاحية العالية الجودة بالمنطقة.
إنّ تسمية هذه المدينة مؤلفة من كلمتين وادي – سوف، فأصل تسمية كلمة الوادي جاء بعد أن رأى أبناء قبيلة الطرود أن تجمّع الرمال والأتربة في تلك المنطقة يُشبه جريان المياه في الوديان، أمّا أصل تسمية سوف فيعود إلى عدّة مصادر منها:[٢] ترجع إلى كلمة السّيوف، وقد أُطلقت هذه التسمية على الكثبان الرملية والتي كانت تشكّل حوافها قمماً حادّة قاطعة كحدّ السّيف. يُرجّح بعض الباحثين أنّ التسمية تعود لإحدى القبائل البربريّة وهي قبيلة مسوفة التارقية التي نزلت في المكان، ومن الملاحظ أنّ هناك العديد من المناطق المتاخمة لبلاد التوارق، في جنوب عين صالح وتعرف بتسميات أسوف، ووادي أسوف، وسوف. يدّعي البعض بأنّ التسمية مشتقة من كلمة الصّوف لأنّ سكانها عرفوا الصّوف واتخذوه لباساً لهم. يزعم بعض العامّة بأنّ هذه المنطقة، سكنها رجل يُشهد له بالعلم والحكمة والزهد وكان اسمه ذا السوف، كما كانت فيما مضى مقصداً لأصحاب العبادة من النُسّاك والمتصوّفين الذين أووا إليها طلباً للهدوء والسكينة والتأمل. تُنسب تسمية سوف أيضاً في اللّفظة العربية إلى كلٍّ من السوفة، والسائفة، والتي تُطلق على الأرض المحصورة بين الرمال والجَلَد، مما جعل سكّان سوف يسمّون الرمال بالسافي، في حين أنّ الرمال المُثارة بفعل الرّياح تسمى المسفسفة.
يجد زائر ولاية الوادي نفسه أمام جمال فريد تطبعه الطبيعة الصحراوية الخلابة التي تحاكي فيها الرمال العسجدية والنخيل الباسق العين والنفس لتعطيه إحساسا بالراحة ورغبة في اكتشاف كل زواياها ومنازلها العريقة بشغف كبير، التي تحاكي الأصالة وتظهر عبقرية هندسية تميز بها السوفي، الذي استطاع أن يتأقلم مع قساوة الصحراء صيفا وشتاء من خلال النمط العمراني الفريد من نوعه الذي يعتمد على القباب والأقواس والادماس، علاوة على الغيطان، المكتنزة بالنخل والزيتون والتي تمد أيضا باقي ولايات الوطن بالخضر الغنية بالفيتامينات والمعادن نظرا لخصوصية المنطقة.
يتميز الطابع المعماري للوادي بهندسته الفريدة، فهو مكون من القباب والأقواس والادماس، إذ أكد السيد نبيل أوبيرة، رئيس مصلحة السياحة في حديث لـ«المساء» أنها نتاج عبقرية السوفي. ويقول «هذه الطبيعة الهندسية استمدها السوفي من الطبيعة تشكل توأمة مع الطبيعة، فالقباب صنعت لعدة أهداف أهمها تقسيم أشعة الشمس وعدم السماح للرمال والأمطار بالتكدس فوق سطح المنازل، كما أن القبة تساعد على تخفيف درجة الحرارة وتقلل من البرودة بطريقة آلية».
فيما يخص تسميتها بمدينة ألف قبة وقبة، قال محدثنا «هذا الاسم أطلقته عليها الكاتبة الفرنسية من أصل روسي إيزابيل ابرهاردث، التي استقرت وتزوجت من المنطقة، يشرح «عندما صعدت إلى منارة سيدي سالم وشاهدت المدينة رأت مجموعة من القباب التي ظلت تنظر إليها طويلا وقد أسس للمدينة عيد يحتفى به كل سنة وهو في طبعته الرابعة والأربعون، فالقباب تعد بصمة أهل الوادي».
المتجول في مدينة وادي سوف، يلحظ حفاظ المدينة على طابعها المعماري الأصيل على غرار مدينة قمار العتيقة التي يوجد بها مطار المدينة الشهير بالقباب، فهي عبارة عن بنايات قديمة تنسجم فيها الأزقة العتيقة الضيقة مع الشكل الصحراوي الأصيل، إذ تتميز بالقباب والادماس ولا يبعد عنها مسجدا سيدي سعيد وضريحه وسيدي مسعود، وهي مقاصد للسياح من داخل وخارج الوطن. كما أن المنازل التقليدية بهذه المنطقة لا زالت تحافظ على جمالها.
جاء في الصروف: “أتى الرومان إلى هذه الأرض(أرض الوادي) منذ دهر طويل لا نعلم أوله، وقاتلوا من فيها وأخرجوهم منها، فتفرقوا في إفريقيا وسكنوا الجردانية والبليدة، وجددوا ما تهدم منها وتعمقوا في أراضيها”. وقد عثر على آثارهم في عدة مناطق مثل قمار والرقيبة وغرد الوصيف، كما توجد تحت كثبان الرمال في عميش (الواقعة على بعد 20 كلم جنوب شرق المنطقة) مكان يدعى زملة سندروس “ZemletSendrous” (نسبة إلى شجيرات السندروس وموطنها الأصلي شمال أفريقيا) التي يوجد بها آثار الرومان، كما أن بئر رومان (الواقع على بعد 180 كلم جنوب شرق سوف) بني من الحجارة المنحوتة، ومن تسميته يعتقد أنه حفره الرومان لتأمين قوافلهم في طريقها إلى غدامس. ومن أهم الدلائل المادية التي تبرهن على التواجد الروماني بسوف، القطع النقدية التي عثر عليها، احداها بها صورة الإمبراطور قسطنطين، وهي تثبت خضوع المنطقة لهم في القرن الرابع، وعثر على كثير من القطع في غرد الوصيف (جنوب غرب الوادي 40 كلم)، كما عثر في قمار على قطع تعود إلى عهد ماسنيسا، وإلى عهد الجمهورية الرومانية (نايرون) وأخرى للعهد النوميدي، يوغرطا ويوبا الثاني وهذا ما يدل على استقرار هذه الشعوب في منطقة وادي سوف.
وصلت الفتح الإسلامي إلى أفريقيا في وقت مبكر، حيث وصل عقبة بن نافع (في ولايته الأولى 46 هـ) ففتح غدامس، وتوجه نحو إقليم الجريد ففتحه، والمسافة بين الجريد وسوف لا تتجاوز 90 كلم آنذاك، وهذا ما يفيد كما قال صاحب الصروف أن عقبة أو جنوده وصلوا إلى سوف وفتحوا قراها. يقول محمد العدواني في تاريخه أن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه أمر القريشيون من جيش عبقة بالرجوع إلى المدينة، فبقي منهم رجل يدعى عدوان من بني مخزوم القريشية، وتزوج من أمازيغية، وأنجبت له عدد كبير من الذكور 12 ذكرا وسكن في نواحي الشمال الشرقي لوادي سوف، ثم عمروا أرض سوف وسكنوا قرب بلدة الزقم في قريتين هما بني خضير والرقوبة. وفي ولايته الثانية (63 هـ) وصلت قواته إلى بلاد الزاب المحاذية لسوف، ولكنه قتل في تاهودة سنة 64 هـ (683 م). ولما ولي حسان بن النعمان الغساني، تصدى لقتال الكاهنة، ولكنه تراجع واستقر في برقة مدة خمس سنوات بداية من عام 78 هـ، وفي تلك المدة خربت الكاهنة البلاد المجاورة لها ومنها سوف، ظنا منها أن المسلمين قدموا إلى المكان طمعا في المدائن والذهب والفضة. وأعاد حسان الكرة وحارب الكاهنة وهزم جيوشها ولاحق فلولها إلى منطقة بئر العاتر وقضى عليها، لكنه في المقابل عقد لولديها على 12ألفا من البربر الذين أسلموا وبعث بهم إلى المغرب يجاهدون في سبيل الله وكان ذلك عام 84 هـ(703 م). وبذلك استحق حسان بن النعمان أن يلقب بالفاتح الحقيقي وناشر الإسلام في تلك الربوع. وكانت سوف يومئذ عامرة بالبربر الذين يعيشون حياة البدو الرحل، وكان العرب من بقايا الفاتحين الأوائل أو المهاجرين من المشرق يمرون بسوف ويستقرون لبعض الوقت، فيحدث التأثر بين الطرفين في الأخلاق والمعاملات. وقد مرت وادي سوف بمراحل متنوعة عاشت فيها تحت ظل الدويلات الإسلامية.